« ميديكوس » واحدة من أكثر الروايات رواجا ومبيعا في العالم خلال العقود الأخيرة. وبعد أكثر من ربع قرن على صدور الرواية نجح فريق عمل ألماني في تحويلها لفيلم يظهر التناقض بين الشرق المتقدم وأوروبا المتخلفة قبل عدة قرون.
بيعت أكثر من ستة ملايين نسخة من رواية « ميديكوس » (الطبيب) التاريخية الشهيرة للكاتب الأمريكي نوح غوردون نسخة في ألمانيا وحدها. ومنذ نشر الرواية في ألمانيا عام 1987 لم تتوقف مساعي المنتجين للحصول على حقوق تحويلها لعمل سينمائي، لكن المشروع ظل يتعثر ويتأجل حتى باتت الفكرة كلها شبه مستحيلة.
وقبل خمسة أعوام عادت حقوق الرواية لكاتبها نوح غوردون ليتجدد أمل المنتج الألماني فولف باور الذي سافر مع زميله نيكو هوفمان إلى بوسطن للقاء غوردون. في البداية بدا الكاتب الشهير متشككا وغير متحمس لفكرة تحويل روايته لفيلم، بسبب خبراته السيئة مع المنتجين. لكنه وافق في النهاية بشرط ألا يركز الفيلم على زاوية المؤثرات الخارجية فحسب بل يهتم بالمحتوى في المقام الأول.
يتناول الفيلم لفكرة الصداقة بين الديانات المختلفة وأيضا الصراعات المحتملة
لقاء الأديان
عمق الرواية هو ما شجع المخرج فيليب شتولتسل على المشاركة في هذا العمل، إذ يقول المخرج الشاب في حوار مع DW »يتعلق الأمر هنا بالدين وبالصداقة عبر الأديان ». بطل الفيلم هو شخص مسيحي يدعى روب، يرتبط بعلاقة صداقة مع ميردين اليهودي وكريم المسلم. ويرى المخرج أن هذه الصداقة تجسد فكرة التعايش بين الأديان بشكل عام. لم تقتصر الرواية على تقديم هذا الجانب الإيجابي لفكرة التسامح بين الأديان فحسب، لكنها تتطرق أيضا للصراعات الدينية في زمن الرواية.
وتجنبا لأي تحريف في عرض فكرته اشترط الكاتب الأمريكي أن يقوم هو وابنته بكتابة النسخة الأولى من سيناريو الفيلم، لكن الأمر لم يكن بهذه البساطة إذ اضطر الكاتب للاستعانة بعدد من كتاب السيناريو لتحويل روايته لنص يصلح للمعالجة السينمائية.
ومن النقاط البارزة في العمل إظهار التناقض بين إنكلترا في القرن الحادي عشر والتقدم العلمي والثقافي في بلاد فارس آنذاك، ففي الوقت الذي خلت فيه أوروبا من الأطباء والمستشفيات، كان الطب يزدهر في بلاد فارس التي طبقت نظام علاج متقدم وافتتحت مدارس لتعليم الطب.
يرى مخرج الفيلم أنه قد يساعد في النظر للعالم العربي بالاحترام الذي يستحقه
التنافض بين الشرق والغرب
يعبر المخرج شتولتسل عن إعجابه بفكرة إظهار التناقض بين التقدم في الشرق والتخلف في أوروبا بقوله: « نميل هذه الأيام لحبس الدول العربية في فترة القرون الوسطى. من الجيد أن يتأنى المرء للحظة ويفكر في الثقافة وكم الأشياء التي نصفها اليوم بالتقدم وهي مأخوذة في الأساس من العرب.. الكثير من الأشياء التي ننظر إليها اليوم كجزء طبيعي من حضارتنا، جاءت في الأصل من العالم الإسلامي ».
يرى المخرج أن الرواية والفيلم ربما ينجح في تعليم المشاهد احترام العالم العربي بالشكل الذي يستحقه. ويبدو أن الانتظار الطويل لتحويل الرواية الناجحة إلى فيلم قد آتى أكله، إذ لم يخرج الفيلم كعمل يعتمد على المؤثرات البصرية ويتجاهل المحتوى، لاسيما من خلال فريق عمل دولي ضم فنيين بارزين مثل ببن كينغسلي وستيلان سكارسغراد
0 التعليقات:
إرسال تعليق